قد الكينسوڨي
هناك بعيدا باليابان يمارسون فَنًّا غريبا هو فن ترميم قطع الأواني الخزفية المكسورة وهذا فن عندهم يسمونه
كينسوڨي المعروف بـ Kintsugi (金継ぎ) وهو فن تقليدي يقوم على إعادة وصل الخزف المكسور باستخدام الذهب أو الفضة لتسليط الضوء على الكسر وجعله جزءًا من الجمال بدلًا من محاولة إخفائه .
الكينتسوڨي (Kintsugi) هو فن تجميع الخزف المكسور باستخدام صمغ خاص ويتجلى في هذا الفن مفهوم الكمال في النقص ويطرح فكرة أن آثار الزمن وتجارب الحياة تضيف قيمة وجمالا جديدًا للقطع بدلًا من كونها تحمل كسورًا تجعلها ناقصة ومُشَوَهَة .
الفلسفة وراء الفن عندهم هي ....
__ التقبل و عدم إنكار الجروح أو الكسور.
وذلك بتحويل الندوب إلى تفاصيل فريدة جميلة ومدهشة .
__جعل القطعة المكسورة قطعة غنية نادرة وذات قيمة جمالية وفنية
__المرونة النفسيةو التشجيع على تقبل الأخطاء والخروج منها أقوى وأجمل.
__احتضان الأخطاء واستخدامها كنقاط انطلاق.
__ أن لا نخاف من التجربة، فالقوة تأتي أحيانًا من الفشل.
__السعي لصياغة جديدة تُزَيِن جراحك و تجعل من جروحك شخص فريد ومميز ...
قد تكون فكرة الترميم هذه واعدة و مغرية وقد تكون القطع المُرَمَمَة قد حصلت على فرصة جديدة وحياة أخرى ولكن ..؟؟!
هل ينفع فن الكيستوڨي بترميم كسور البشر ..؟!
و هل الإنسان بكل تعقيداته و حساسيته هل هو قابل للترميم بعد الكسر ...؟!
هل جروحنا اذا جَمَّلْنَاها وغطيناها بالتغاضي والنسيان و المسامحة تُشْفَى وتنمحِي وتصبح أجمل وأحسن ..؟!
هل نحن بعد الكسر قادرون على أن نكون نسخا أفضل ونتبنى فلسفةالعودة أقوى للاستمرار بحياة سوية وطبيعية ...
هل نحن قادرون على رؤية الجمال بمواضع الكسور المُرَمَمَة ..؟؟!
أظن أن الانسان بعد الكسر يتغير هناك شيء بداخله يجعله نسخة ثانية مايحدث هو أنه سيفقد الثقة بالعالم وبنفسه وبالآخرين و مهما قال الأطباء المختصين بعلم النفس ومهما كانت النظريات التي يتبناها خبراء التنمية البشرية و رواد ومدربين يدّعُون التخصص بهذا المجال الواقع عندي يقول شيئا آخر وهذه ليست دعوة لليأس أو التشاؤم لكنها نظرة عقلانية واقعية تقول أن الانسان نسختين ....
نسخة طبيعية عادية سليمة قد تكون ساذجة وبسيطة وهي ما نكون عليه ببداية حياتنا أو لنقل قبل الصدمة قبل الكسر. ...
ونسختنا بعد الكسر ....
وهذه نسخة مختلفة تماما وللأسف الشديد الكسور تسرق منك الكثير من بساطتك و تلقائيك لتُحَوِلَك الى انسان يخاف و يترقب وينتظر الضربات لأنه ببساطة فاقد للثقة بهذا العالم وبالآخرين ..
و هذا احساس كل من تعرض للكسر.
قد يبدو للعيان من الخارج كالقطع المُرَمَمَة بفن الكينسوڨي لكنه من الداخل لا يزال يعاني من أثر الكسر وكسور البشر لا نرممها ببعض المعدن ممزوجة بالفضة و الذهب والصمغ الخاص فالامر أكثر تعقيدا من ذلك .
بقلم
سليمة مالكي
نور القمر
0 تعليقات