نبص الغياب
بِقَلَمٍ. مُحَمَّد أَحْمَد مُحَرَّم اليمن 🇾🇪
18مايُو٢٠٢٥م.
.......................
البَحْرُ عَمِيقٌ
يَمُوجُ بِالمُسْتَحِمِّينَ،
وَالطِفْلُ تَجاوَزَ الجَمْعَ،
شَقَّ طَرِيقَهُ بَعِيداً،
لِيُطَبِّقَ الخِناقَ عَلَى رَقَبَتِهِ.
لَمْ يُمْهِلْهُ القَدَرُ،
فَاِسْتَنْجَدَ قَلِيلاً،
وَصاحَ مُسْتَغِيثاً،
لٰكِنَّ البَحْرَ حَكِمَ عَلَيْهِ بِالغَرَقِ.
لَمَحَهُ صَدِيقٌ بَيْنَ الجُمُوعِ،
اِنْدَفَعَ نَحْوَ الأَمْواجِ،
لِيُنْقِذَ الغَرِيقَ.
وَالناسُ فِي ذُهُولٍ،
بَيْنَ وُجُومٍ وَتَصْفِيقٍ حارٍّ.
الأَبُ شَهْقٌ،
وَدَّعَ الزَفِيرَ،
شارِباهُ كَحَدِّ الإِبْرَةِ،
وَلِحْيَتُهُ السَوْداءِ غَدَتْ بَيْضاءَ،
كَثَلْجٍ يَكْسُو الجَلِيدَ.
عَيْناهُ غائِرَتانِ،
فِي كَهْفَيْنِ بِلا بَرِيقٍ،
وَالقَلْبُ حَرِيقٌ،
تَهْتَكَتْ السَتائِرُ،
وَاِنْهارَتْ الجُدْرانُ،
فَخْرُ السَقْفِ صَرِيعاً،
وَالرَمادُ طَلِيقٌ.
غادَرَ الدُخانَ الأَسْوَدَ،
سَكَنَتْ الرِياحُ، هَدَأَ الجَوُّ،
وَغابَتْ ثَوْرَةُ الأَمْواجِ،
بَعْدَ أَنْ كادَتْ أَعْماقُ البِحارِ تُبْلِعُهُمْ،
بَعْدَ أَنْ باعَتْ اللُبانَ وَالبَخُورَ.
وَعادَتْ المَراكِبُ إِلَى المَدِينَةِ،
مُحَمَّلَةً بِصَيْدٍ وَفِيرٍ.
قالُوا عَنْ المَدِينَةِ إِنَّها مَوْطِنُ العَجائِبِ،
الكُلُّ فِيها مُرْتاحُونَ،
كُلُّ ما تَتَمَنّاهُ الأَنْفُسُ،
تَجِدُهُ وَتَحْصُلُ عَلَيْهِ.
لٰكِنَّ اليَوْمَ،
تَبَخَّرَتْ النُقُودُ شَيْئاً فَشَيْئاً،
وَإِنْ لَمْ أَجِدْ عَمَلاً قَبْلَ نِهايَةِ النَهارِ،
هَلْ سَأُصْبِحُ فِي وَطَنِي رَجُلاً شَرِيداً؟!
أُمِّي تَنْتَظِرُ حَفْنَةً دَقِيقٍ،
مِنْ كَوْمَةِ القَمْحِ أَوْ الشَعِيرِ،
لِتَضَعَها عَلَى المائِدَةِ.
لا أَدْرِي أَيْنَ أَذْهَبُ،
كَقُرْصٍ صَلِبَ فَقْدَ ذاكِرَتِهِ،
أَشَدَّ الرِحالِ إِلَى أَيْنَ؟!
أَمْ أَبْقَى هُنا، قانِعاً بِقِسْمَتِي فِي العَيْشِ؟
،
0 تعليقات