نقد للنص“أزمة قلبية” للأديب محى الدين محمود حافظ بقلم هاله المغاورى فيينا النمسا 🇦🇹
تعالج “أزمة قلبية” تجربة عاطفية مشحونة بالتوتر والانكسار ، حيث يستعرض الشاعر صراعًا داخليًا بين القلب والعقل، بين الأمل والخذلان، في إطار من التأمل الوجودي المؤلم. القصيدة ليست مجرد رثاء لحب منتهٍ، بل تعبير عن انكسار الذات الكاتبة أمام واقع شعوري قاسٍ، ما يجعل النص أقرب إلى الاعتراف النفسي الصريح.
يتكئ الروائي على ثنائية “الحب/الوهم”، “القرين/الذات”، “القلم/الصمت”، لتصوير التحولات الداخلية التي يمر بها، ويفضي في النهاية إلى قطيعة كاملة مع العاطفة والكتابة معًا، حين يقول:
“أي قلم وأنا ميت
خذ القلم واتركني”
هذه النهاية تعكس بلوغ الذات مرحلة الفقدان الكلي للجدوى، وهي إشارة إلى الانهيار الروحي العميق.
النص مبني على الحوار الداخلي ، ويتداخل فيه صوت الشاعر مع صوت “القرين”، الذي يمثل في النص الضمير أو جزءًا من الذات المنقسمة. هذا الحوار يخلق بعدًا دراميًا داخليًا، يُغني النص من حيث التوتر والتصعيد الشعوري.
التقنيات الأسلوبية المستخدمة تشمل:
• القطع الشعري القصير: يوظف الشاعر الجمل المقتضبة لخلق إيقاع نفسي متوتر يتلاءم مع حالة الانهيار العاطفي:
“صه
أحبها”
• الرمزية النفسية: “القرين”، “الذئب العجوز”، “القلم”، جميعها رموز تُحيل إلى مفاهيم أعمق من ظاهرها: القرين قد يكون الضمير، والذئب العجوز يمثل حكمة قاتمة ناتجة عن التجربة، والقلم رمز الكتابة التي تُعرض أخيرًا للرفض.
• التناص الضمني: يُلمَح في النص تأثر واضح بثيمات صوفية وإنسانية تتعلق بالحب كمعنى وجودي، ولكنه هنا مفرغ من أي خلاص، بل ينتهي إلى “موت شعوري”، وهذا مناقض للتجارب الصوفية التي تجعل من الحب معبرًا نحو الخلود.
لغة النص مباشرة ومجردة من التزويق البلاغي، وتعتمد على العاطفة الخام، مما يمنحها طابعًا واقعيًا صادقًا. هذا الأسلوب مناسب جدًا لموضوع النص، حيث الانكسار يتطلب لغة غير متكلفة.
أما من الناحية الإيقاعية،فالنص ينتمي إلى الشعر الحر أو النثري، ولا تخضع لأوزان عروضية كلاسيكية. ومع ذلك، فإن التكرار والتوازي والتركيب البسيط يخلقان إيقاعًا داخليًا متناغمًا مع المضمون النفسي المتقلب.
يتميز النص بما يلي:
• العمق النفسي: حيث تُعبّر عن تمزقات داخلية بلغة حوارية تجعل القارئ شريكًا في الأزمة.
• الصدق الشعوري: فالشاعر لا يتصنّع في عرضه للألم، بل يسرد تجربته ببساطة وجرأة.
• التقشف الجمالي المتعمد: وهو ما يحيل إلى شعراء الحداثة الذين يرون أن قوة الشعر ليست في الزينة البلاغية، بل في التعبير العاري عن التجربة.
اخيراً “أزمة قلبية” نص شعري يتسم بالجرأة الشعورية، والبناء الحواري الداخلي، ويعكس تجربة إنسانية وجودية في لحظة انهيار عاطفي تام. يمتلك النص جاذبية نابعة من صدقه وصراعه الداخلي، ويُظهر قدرة الشاعر على التعبير عن حالات نفسية مركبة بلغة شعرية نثرية ، كذلك فإن القصيدة تحقق أثرًا فنيًا وشعوريًا واضحًا، وتدفع القارئ إلى التأمل في معنى الحب، الخيانة، والذات الممزقة.
0 تعليقات